صدرت رواية نخلة الهيش للكاتب الراحل إيهاب الورداني عن دار ميتا بوك للنشر والتوزيع، جاءت الرواية في 104 صفحة من القطع المتوسط، ولوحة الغلاف للفنان أحمد الجنايني، وقدم الناقد الدكتور محمد زيدان الرواية بكلمة نقدية على الغلاف الأخير قائلا:
في رواية (نخلة الهيش) للكاتب إيهاب الورداني نجد الراوي يخاطب نفسه، أو يجعل من ذاته ذاتًا أخرى تنفصل عنه، تجادله، تدخل فيه، يحل فيها، يتبادلان المواقع في الدلالة وفي اللغة وفي المفردات الحكائية، نحن أمام أصوات سردية متعددة، أمام أكثر من راو، وأمام أكثر من تأويل للموقف الحكائي أو للمنظور الذي يضيفه، تتحول اللغة إلى رموز، والرموز تتحول إلى أفكار، والأفكار بدورها تتحول إلى سياقات، وهذه سمة بارزة من سمات السرد الحكائي المجازي بصورة خاصة، وهكذا تحملُ تجربة إيهاب الورداني السمات الأسلوبية والجمالية التي تتناسبُ وقضايا العصر المعرفية والجمالية، بالإضافة إلى ثقافة الكاتب النوعية التي ظهرت في كتاباته، فقد وازن بين فقه اللغة وفقه الحكاية، واقتربت الرؤيتان في الرواية والقصة القصيرة اقترابًا لافتًا، وقد اختط إيهاب الورداني لنفسه مكانًا مُهمًا بين أبناء جيله في القصة القصيرة، واستطاع أن يُقدمَ صوتًا سرديًا يتسمُ بالتجريب اللغوي والحكائي في أعماله التي قدمها، يدلُ على استيعابه لتاريخ النوع الأدبي من جهة، وطموحه الفني من جهة أخرى، فكان يُقدمُ اللعب السردي المشفوع بتحولات النص على أكثر من مستوى، الحكاية المفتوحة الدلالة، والأصوات التي تترك مساحة واسعة لاستجابة القارئ، ومن هنا جاءت مكانة الكاتب في عالم السرد مكانة متميزة ومهمة.
ثمة فرق بيني وبين جدي ، وبيني وبين أبي ، وبيني وبين أخي ، أحاول أن أنفضه عن نفسى ، وأن أشرح لكم أن ما يتملكني من حنين ما هو إلاّ ملامحي الآخذة في التشكل، حسب موقع الراوي الذي يحاصرني وكأنه أنا . مثله مثل وجود ناس آخرين ، من مجول، يتقاطعون معي في اتجاهاتي ، أينما كتبت .
أنا المتورط والحنين باد علي وجهي ، فترفقوا بي ، وشاركوني لعبتي حتي أكمل ما يدور بخلدي عن ذلك المخلوق الذي سيعرف لاحقا بأسمى ، وتلك الجميلة مجول الموشومة فوق جبينى .
لماذا أعود إليها، إلي مجول، إلي رجل الجميزة، إلى جدي الذي لم أره، إلي حكايات أبي، وطبطبات أمي، إلى أرض الهيش، وما يفصلني عن كل ذلك جبال من نور، أو مرايا بلّور، تساقط عليها تذكاراتي فتنعكس ملامحي، وكأني بألف وجه وقلب واحد ؟
كان نخلة تفرد أشرعتها للسماء طالبة المدد، وتدلى سباطها لقلوب تجاوزت أشواقها الرؤية إلى حنين ذوق الثمار . بلحها فى كل دار .
© 2023. جميع الحقوق محفوظة